الجمعة، 29 أكتوبر 2010

إعداد الحاج لأداء مناسك الحج والعمرة ؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد
فإن الله عز وجل قد جعل الحج الركن الخامس من أركان الإسلام، وأوجبه على المستطيع؛ فقال تعالى
وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً آل عمران ، وحتى يقع الحج صحيحًا فلا بد أن يتعلم الحاج كيفية الحج، وما يجب عليه فعله، وما يحرم عليه فعله، وهو ما سنوضحه بمشيئة الله تعالي في هذه المقالة
الخطوة الأولى أنواع النسك
إذا أراد الحاج أداء الحج؛ فإنه يختار واحدًا من الأنساك الثلاثة وهي الأول الإفراد بالحج وهو أن ينوي مُريده الإحرامَ بالحج فقط؛ فيقول عند الإحرام من الميقات «لبيك اللهم بحج» الثاني القِران بين الحج والعمرة وهو أن ينوي الحاج الإحرام بالعمرة والحج معًا من الميقات الثالث التمتع بالعمرة إلى الحج وهو أن يحرم الحاج بالعمرة من الميقات قائلاً «لبيك اللهم بعمرة» أو يقول «لبيك اللهم بعمرة أتمتع بها إلى الحج، فإذا أتى مكة أتى بأعمال العمرة، ثم يتحلل منها، ويبقى على إحلاله إلى أن يحرم بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة يوم التروية»
الخطوة الثانية المواقيت
هي التي عيّنها النبي ليحرم منها من أراد الحج أو العمرة، ولا يجوز تجاوزها إلا بإحرامٍ؛ تعظيمًا لبيت الله، ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقَّت رسول الله لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة، ومن كان دون ذلك؛ فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة متفق عليه
الخطوة الثالثة الإحرام ومحظوراته
إذا سافر الحاج بالطائرة متجهًا إلى جدة ثم مكة؛ فيستحب له الاغتسال في بيته، وأخذ ما يُشرع أخذه من الشعر كشعر الشارب والإبط والعانة، ويتطيب في بدنه بما تيسر من أنواع الطيب، ويجب على الذكر أن يتجرد من المخيط ويلبس ملابس الإحرام إزار ورداء ، فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه رأى النبي تجرد لإهلاله واغتسل رواه الترمذي وصححه الألباني
وعن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أطيّب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم ولحِله قبل أن يطوف بالبيت متفق عليه
والاغتسال مستحب حتى للحائض والنفساء؛ لأن النبي أمر أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر رضي الله عنهما أن تغتسل وهي نفساء مسلم
وأمر عائشة رضي الله عنها أن تغتسل للإحرام بالحج وهي حائض متفق عليه
ثم إذا حاذى المسافر بالطائرة الميقات؛ فإنه يحرم بعقد النية بالقلب مع التلبية بقوله لبيك اللهم بعمرة وحج، أو حج أو عمرة بحسب النسك، فإذا سافر بالباخرة، فإنه يفعل ما سبق بالباخرة، ويحرم إذا حاذى الميقات، أما إذا كان مسافرًا إلى المدينة؛ فإنه يتهيأ للإحرام بمسكنه بالمدينة أو بذي الحليفة، ثم يحرم منها، أما إن كان قادمًا من أي ميقات آخر فيحرم منه، فإذا أحرم فيستحب له رفع الصوت بالتلبية وهي «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك» البخاري
ويجب عليه أن يتجنب محظورات الإحرام وهي
الجماع وهو أشد المحظورات إثمًا وأعظمها أثرًا، ويترتب عليه خمسة أمور، وهي الإثم، فساد النسك، وجوب الاستمرار فيه، وجوب القضاء، وجوب الفدية وهي بدنة يذبحها ويوزعها على الفقراء
مقدمات الجماع كالمباشرة بشهوة، والتقبيل والنظر بشهوة، والكلام فيما يختص بالجماع ومقدماته، وهذه لا تُفسد النسك ولا تجب فيها فدية، ولكن فيها الإثم اكتساب السيئات واقتراف المعاصي
المخاصمة مع الرفقاء والجدال بالباطل أو بغير علم، قال الله تعالى فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ البقرة
لبس المخيط للذكور، والمقصود بالمخيط ما فُصِّل على قدر العضو حتى ولو لم يكن مخيطًا
أما المرأة فلها أن تلبس كل ذلك، ولا يحرم عليها إلا لبس النقاب والقفازين وما مسه الطيب؛ وذلك لحديث ابن عمر رضي الله عنهما «نهى النبي النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب، وما مس الورس والزعفران من الثياب» رواه أبو داود وصححه الألباني
ويجوز للمحرم تبديل لباس الإحرام بآخر، سواء فعله لحاجة وضرورة، أو لغير حاجة وضرورة، ولا بأس بذلك
التطيب في الثوب أو البدن، للرجال والنساء، أما أثر الطيب الذي تطيب به عند الإحرام فلا بأس به، ولا تجب إزالته؛ لقول عائشة رضي الله عنها «كنت أنظر إلى وبيص المسك في مفارق رسول الله وهو محرم» متفق عليه
تقليم الأظفار وإزالة الشعر بالحلق أو القص أو النتف؛ لقوله تعالى وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ البقرة ، ويجوز للمحرم أن يحك جسده وأن يغسل رأسه ولو تساقط الشعر لا يضره، وإذا انكسر ظفره جاز له إزالته، ولا شيء عليه، وهو الصحيح من أقوال أهل العلم
عقد النكاح أو الخطبة لنفسه أو لغيره بولاية أو وكالة، ويقع العقد باطلاً، فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله قال «لا يَنكح المحرم، ولا يُنكح، ولا يخطب» مسلم
التعرض لصيد البر بقتل أو ذبح أو إشارة أو دلالة؛ لقوله تعالى وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا المائدة ، وقوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ المائدة ، والمقصود بالصيد هو الحيوان الحلال البري المتوحش مثل الظباء والأرانب والحمام والجراد
الأكل من الصيد إذا صِيد من أجله
حكم من ارتكب شيئًا من محظورات الإحرام
أن يفعل هذه المحظورات عالمًا ذاكرًا مختارًا؛ فعليه الإثم، وما يجب من الفدية من صيام ثلاثة أيام متوالية، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع مما يطعم من تمر أو بر أو غيرهما، أو ذبح شاة، أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة، ويوزع جميع اللحم على الفقراء، ولا يأكل منه شيئًا
أن يفعله متعمدًا عالمًا مختارًا لعذرٍ؛ فهذا ليس عليه إثم، ولكن عليه الفدية مثل أن يضطر إلى حلق رأسه لأذًى
أن يفعله ناسيًا أو جاهلاً أو مكرهًا؛ فلا شيء عليه إلا تَرْكُه إذا تذكر أو علم أو خيِّر، ولا إثم عليه ولا فدية، أيًّا كان المحظور، ولا يفسد نسكه، قال الله تعالى رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا البقرة ، وقال لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ الأحزاب
الخطوة الرابعة أعمال الحج والعمرة
إذا وصل الحاج أو المعتمر إلى مكة استحب له التوجه إلى المسجد الحرام، ثم يدخل من أي أبواب الحرم شاء، وإن دخل من باب بني شيبة «باب السلام»، فحسنٌ؛ لدخول النبي منه، ثم يقصد الحجر الأسود فيقبّله إن تيسر وإلا استلمه بيده؛ فإن لم يستطع أشار إليه، ولا يزاحم على الحجر، ثم يبدأ في الطواف طواف القدوم للحاج المفرد والقارن، وطواف العمرة للمتمتع ، ولا بد للطواف من الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر ومن النجاسة في الثوب والبدن، ومن ستر للعورة، وأن يكون الطواف خارج البيت فلا يجوز أن يطوف من داخل الحِجْر، ويسن للحاج الاضطباع، وهو أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن ويرد طرفيه على منكبه الأيسر؛ فيكون منكبه الأيمن مكشوفًا، وذلك لحديث يعلى بن أمية أن النبي طاف مضطبعًا ابن ماجه وحسنه الألباني
ويستر الحاج كتفيه بعد الفراغ من الطواف، ويستحب له الرَّمَل في الأشواط الثلاثة الأول، وهو الإسراع في المشي، ويطوف سبعة أشوط يستلم الحجر الأسود في كل شوط أو يشير إليه، ويستلم الركن اليماني؛ وذلك لقول ابن عمر رضي الله عنهما لم أر النبي يمس من الأركان إلا الركنين اليمانيين متفق عليه
ويستحب له الدعاء بين الركنين اليمانيين بقوله رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ صحيح أبي داود للألباني حديث ؛ فإذا شك في عدد الأشواط بنى على ما استيقن وهو العدد الأقل، ثم يستحب له صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم بعد الطواف يقرأ فيهما بسورتي الكافرون والإخلاص، ويقول عقب الطواف عند توجهه خلف المقام وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى البقرة ، فإن لم يتمكن من أدائهما خلف المقام؛ صلاهما في أي مكان من المسجد أو خارجه، ثم يشرب من ماء زمزم ويغسل رأسه به؛ لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي فعله مسلم
ثم يخرج من باب الصفا إلى الصفا تاليًا قوله تعالى إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ البقرة ، فيبدأ السعي من الصفا وينتهي بالمروة سبعة أشواط، ولا تُشترط الطهارة للسعي، ولكنها تستحب، ويستحب له استقبال الكعبة في كل شوط، وهو على الصفا أو المروة ويدعو، كما يستحب له السعي الشديد بين العلمين الأخضرين في بطن الوادي وذلك للرجال، ثم يحلق الرجل رأسه أو يقصر شعره، ويستحب التقصير لترك شعر يحلقه يوم النحر، وأما النساء فيقصرن قيد أنملة من مجموع الشعر بعيدًا عن أعين الرجال الأجانب، فإذا فعل ذلك المتمتع صار حلالاً تحل له النساء وكل شيء كان حرُم عليه بالإحرام، أما الحاج المفرد والقارن فيظلان على إحرامهما إلى وقت خروجهم إلى منى
أعمال يوم التروية
إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة سمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون بحمل الماء معهم من مكة إلى عرفات أحرم الحاج المتمتع بالحج من مكة على الهيئة السابق ذكرها عند الكلام عن الإحرام؛ ويقول «اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة، وله أن يشترط أن يحل حيث يُحبَس أي يلبس الملابس العادية ويفعل ما حرم عليه من محظورات الإحرام ؛ لقول النبي لضباعة بنت الزبير رضي الله عنها «حجي واشترطي وقولي اللهم محلي حيث حبستني» البخاري ، فإذا حُبس الحاج وتحلل؛ فلا شيء عليه
والسنة أن يبيت الحاج بمنى ليلة التاسع، وهذا المبيت سنة، وليس بركن ولا واجب؛ فلو تركه فلا شيء عليه، ولكن فاتته الفضيلة ويصلي الحاج الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر بمنى كل صلاة في وقتها ويقصر الظهر والعصر والعشاء؛ فيصلي الرباعية ركعتين، فإذا صلى الفجر مكث حتى تطلع الشمس، ثم سار متوجهًا إلى عرفات، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال «فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى، فأهلوا بالحج، وركب رسول الله فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تُضرب له بنمرة» موضع معروف بقرب عرفات خارج الحرم مسلم
أعمال يوم عرفة
يستحب للحاج أن يدخل عرفات في وقت الوقوف بعد الزوال ويصلي الظهر والعصر مع الإمام بنمرة بعد سماع الخطبة مع القصر والتقديم؛ فإن لم يتيسر له الصلاة مع الإمام صلى بمفرده جمعًا وقصرًا بأذان واحد وإقامتين، ففي حديث جابر في حجة الوداع «ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئًا، ثم ركب رسول الله حتى أتى الموقف» مسلم
ولا يجوز للحاج الانصراف من عرفات قبل غروب الشمس، فمن انصرف قبل الغروب وجب عليه الرجوع ليبقى فيها جزءًا من الليل، فإن لم يرجع وجب عليه دم لتركه الواجب، ووقت الوقوف بعرفة ممتد إلى طلوع فجر يوم النحر العيد ، فمن طلع عليه الفجر يوم العيد ولم يقف بعرفة فقد فاته الحج؛ فإن كان قد اشترط في ابتداء إحرامه «إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني»، تحلل من إحرامه ولا شيء عليه، وإن لم يكن اشترط جعلها عمرة، فإذا كانت السنة التالية قضى الحج الذي فاته وأهدى هديًا
أعمال ليلة النحر
إذا دخل الليل أفاض الحاج إلى المزدلفة ليصلي بها المغرب والعشاء جمع تأخير بأذان وإقامتين، ولا تشرع الصلاة قبل الوصول إليها؛ لأن النبي نزل في الطريق إليها وبال وتوضأ وضوءًا خفيفًا، فقال له أسامة بن زيد رضي الله عنهما وكان رديفه الصلاة يا رسول الله، فقال له النبي الصلاة أمامك متفق عليه
ومن السنة أن ينام الحاج بعد الصلاة حتى طلوع الفجر لفعل النبي ذلك مسلم
والمبيت بالمزدلفة نسك بالإجماع، وهو واجب على غير المعذور وليس بركن، فلو تركه؛ صح حجه وعليه دم، وهذا المبيت يحصل بالحضور في مزدلفة في ساعة من النصف الثاني من الليل، فلو دفع من مزدلفة بعد نصف الليل أجزأه ولا دم عليه، ودليل الوجوب قوله تعالى فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ البقرة
وقول النبي «من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه» أخرجه أبو داود وصححه الألباني
ويستحب أن يبقى بالمزدلفة حتى يطلع الفجر؛ لقول جابر رضي الله عنه ثم اضطجع رسول الله حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا فدفع قبل أن تطلع الشمس مسلم
ويباح للنساء وكبار السن الدفع بعد نصف الليل؛ لقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أرسلني رسول الله في ضعفة أهله فصلينا الصبح بمنى ورمينا الجمرة رواه النسائي وصححه الألباني
ويسن للضعفاء وغيرهم إذا وصلوا إلى منى قبل طلوع الفجر أن ينتظروا حتى تطلع الشمس ثم يرموا جمرة العقبة، أما من بقي بالمزلفة فيمكث بها حتى يصلي الفجر، ثم يقف بالمشعر الحرام يذكر الله حتى يُسفر الصبح ثم يدفعون إلى منى
أعمال يوم النحر
رمي جمرة العقبة الكبرى، وهي الأبعد من مسجد الخيف والأقرب إلى مكة، يرميها بسبع حصيات صغيرة مثل حبة الفول يكبر عند الرمي فقط، فإذا نسي كم رمى، بنى على ما استيقن، وهو العدد الأقل، فإذا رمى بنفسه أو بوكيله إن كان غير مستطيع حل له كل شيء إلا النساء؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت طيبت رسول الله بيدي بذريرة لحجة الوداع للحل والإحرام حين أحرم وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت أحمد وقال الألباني رواه أحمد بسند صحيح على شرط الشيخين وأصله عندهما
ذبح الهدي وذلك للمتمتع والقارن وهو واجب عليهما؛ لقوله تعالى فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ البقرة
الحلق أو التقصير والحلق أفضل للرجال؛ لقوله تعالى مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ الفتح ، ولدعوة النبي للمحلقين ثلاثًا وللمقصرين مرة واحدة متفق عليه ، وللنساء التقصير فقط؛ لأن الحلق مُثلة، فتقصّر قدر أنملة من مجموع شعرها
طواف الإفاضة وهو ركن من أركان الحج بالإجماع ولا رمل فيه ولا اضطباع قال الله تعالى
وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ الحج ، ووقته من نصف ليلة النحر، ويبقى إلى آخر العمر، ولا يزال محرمًا حتى يأتي به، ويكره تأخيره عن يوم النحر، وتأخيره عن أيام التشريق أشد كراهة، ومن لم يطف لا يحل له النساء وإن مضت عليه سنون
السعي بين الصفا والمروة للمتمتع عن حجته بعد طواف الإفاضة، ولا يزال محرمًا حتى يسعى، ولا يحصل التحلل الثاني بدونه، وأما من أفرد أو قرن فيسعى إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم؛ فإن كان سعى فلا سعي عليه، والمرأة الحائض إذا عجزت عن البقاء بمكة حتى تطهر وتطوف طواف الإفاضة؛ فإنها تغتسل وتستثفر أي تشد على فرجها خرقة ونحوها وتطوف وهي حائض ولا فدية عليها، وهذا ما رجّحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى، وإن تناولت دواء لمنع دم الحيض فهو أحسن لتطوف وهي طاهر
أعمال أيام التشريق
إذا فرغ الحاج من طواف الإفاضة والسعي يعود إلى منى ليبيت بها ليلتين أو ثلاثًا، قال الله تعالى فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى البقرة ، والأكمل أن يبيت بها كل ليلة، والواجب أن يبيت بها معظم الليل؛ فإن ترك مبيت ليالي التشريق الثلاث لزمه دم، وإن ترك إحدى الليالي الثلاث فعليه ثلث دم، ويجوز ترك المبيت بمنى لعذرٍ، كمن له مال يخاف ضياعه لو بات، أو يخاف على نفسه أو كان به مرض يشق معه المبيت، أو له مريض يحتاج إلى تعهده، أو يطلب ضالة أو تائهًا، أو يشتغل بأمر آخر يخاف فوته، أو ضاقت عليهم منى مع شدة الزحام فلم يقدروا على دخولها، أو لم يجدوا لهم مكانًا للمبيت فيها، وذلك لما ثبت أن رسول الله رخص لرعاء الإبل في البيتوتة يرمون يوم النحر ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد بيومين ويرمون يوم النحر رواه أبو داود وصححه الألباني
وما ثبت من أن العباس استأذن رسول الله في أن يبيت بمكة أيام منى من أجل السقاية فرخص له متفق عليه
فإذا زالت الشمس في اليوم الحادي عشر من ذي الحجة والثاني عشر للمتعجل ، والثالث عشر للمتأخر يرمي الحاج الجمرات الثلاث فيبتدئ برمي الجمرة الصغرى أولاً التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم يرمي الجمرة الوسطى بسبع حصيات، ثم جمرة العقبة الكبرى كذلك، ويجب رمي الجمرات واحدة واحدة؛ فإن رمى السبع مرة واحدة لم يجزئه على الراجح، والسنة أن يتوجه الحاج بعد رمي الجمرة الأولى والثانية بعيدًا عن المرمى، ويقف مستقبل القبلة يدعو طويلاً رافعًا يديه ولا يقف بعد رمي جمرة العقبة
طواف الوداع
وهو واجب يلزم بتركه دم إلا الحائض للعذر، ووقته يكون بعد فراغ المرء من جميع أموره ومتعلقاته ليكون آخر عهده بالبيت، فإن طاف للوداع ثم اشتغل بتجارة أو إقامة فعليه إعادته؛ لأنه إن أقام بعده خرج عن كونه وداعًا
فإن فعل الحاج ذلك فقد تم حجه وقضى نُسكه، ويستحب له زيارة المسجد النبوي، وليست الزيارة من أركان الحج ولا من واجباته ولا من سننه
والله الموفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق